محليات
كلام مطر جاء خلال رعايته احتفال بلدية الحدت – سبنيه – حارة البطم بازاحة الستارة عن أول نصب لقداسة البابا فرنسيس في لبنان، بحضور القائم بأعمال السفارة البابوية المونسينيور ايفان سانتوس ولفيف من الكهنة ، بالاضافة الى عدد من النواب والوزراء وفاعليات المنطقة.
وتحدث المطران مطر فقال: “عندما أطل البابا فرنسيس من نافذته يوم انتخابه منذ خمس سنوات في العام 2013 على المؤمنين في ساحة القديس بطرس في روما، قام بحركة اذهلتنا جميعا، انحنى امام الألوف عشرات الألوف وقال لهم: “باركوني”. هو يطلب البركة اي ان يستنزل الشعب كله بركات الله على خادم الله هذا في كرسي بطرس في روما. نحن ننحني اجلالا لهذا الرجل الكبير الذي طلب بركة كل الناس من اجل اعماله. وفي الحقيقة دخل القلوب قبل العقول وقد احبه الناس، هو الذي احب الجميع دون تمييز ولا استئذان. وعندما تكلم للمرة الاولى رسميا، حدث العالم عن المهمشين اخذا هذه الصورة انه هناك في البلدان الكبرى من يصنعون الأحداث، ولكن في المقابل هناك من هم في الاطراف هم المنسيون الذين لا يشعر بهم احد. ونحن في بلادنا عرفنا هذا الوضع عندما كانت الاطراف تعاني والعاصمة لها الاخضر واليابس. قداسته يوصينا بالاطراف وبالضعفاء والمهمشين كما يوصينا بالتضامن لا بالتضامن الوطني فحسب، اي بين مواطن واخر، بل بالتضامن بين الغني والفقير، لنكون كلنا سواسية، هذه هي وصيته الأساس، اهتموا بالمهمشين والمنسيين والضعفاء”.
واضاف:” وانا اليوم في حضرة مسؤولين نحييهم جميعا ونبارك مساعيهم من اجل الوطن والخير. ووصية البابا للبنان تقرأونها اليوم امام هذا التمثال الاول لقداسة البابا فرنسيس في لبنان وربما في الشرق ايضا والموجود على بولفار كميل شمعون في بلدة الحدت. ونشكر رئيس البلدية جورج عون واعضاء المجلس البلدي على مبادرتهم اللافتة. والبابا يقول لمسيحيي الشرق :”اثبتوا في ارضكم”، هي مشيئة الله التي زرعتكم في هذه الأرض مع اخوانكم منذ البدء. المسيحيون والمسلمون هم معا في هذا الشرق والايام السمحى التي امضوها معا في البدايات هي التي ستحكم النهايات وتحكم كل الطريق، هذا ما ندركه ونعرفه. وقداسته يقول للمسيحيين اوصيكم بالعيش المشترك، اي العيش الواحد ايضا الذي هو ضرورة الوجود. نحن خلقنا لنتعارف، نحن خلقنا لنتحاب. وان نتعارف اي عندما نعترف بالآخر ولا نكون اناسا يرضى الله عنهم الا اذا كنا اهل حب. واود القول للجميع ان سر لبنان لا أن يكون متوازنا بين هؤلاء وأولئك، بل سر لبنان ان يكون اهله متحابين ويضحون في سبيل الآخر والآخر يضحي في سبيلهم ، هكذا تكون الحياة الحلوة التي عشناها والتي نعود اليها ان شاء الله كل حين، المحبة تصنع الاوطان”.
وتابع:” ان المفكر الاغريقي افلاطون الذي كان عاش أربعة مئة سنة قبل المسيح، كتب كتابا اسماه “الجمهورية”، يقول فيه: لن يكون للمدينة او للوطن مصير آمن الا اذا آمن ابناؤها بفئاتهم كلها. اننا والمصير واحد. هذا قبل المسيح وهو وصية من الله. نحن نكون وطنا حقيقيا عندما نكون وطنا واحدا متنوعا، هذه مشيئة الله وما شاءه الله هو حق، وهو مبارك ان يكون لنا مصير واحد وان تكون لنا مودة في علاقاتنا وفي احترام بعضنا لبعض واستعداد للتضحية في سبيل الآخر، وان يكون كل انسان منا متمتعا بمواصفات العيش اللائق والكريم وهذه المسؤولية ليست على الفرد، بل على الجماعة كلها ان تكون متضامنة معا، هذا هو تعليم البابا فرنسيس الذي آمن بهذا التضامن لا على مستوى كل وطن، بل على مستوى الدنيا بأسرها”.
وختم: “ان لبنان اليوم بخير يعيش الامن والامان والناس تعيش متلاحمة وطبعا هناك تسابق على الحكم وعلى السلطة، وان كان هذا التسابق للخير العام بارك الله فيه. وقد قال بولس الرسول:” تنافسوا في الصالحات”. اصلح الله قلوبنا جميعا واعطانا ان نكون في خدمته في مجده تعالى وخدمة اوطاننا وزرع السلام في القلوب. امنيته هي امنيتنا جميعا هذا المساء. شكرا للحدت واهلها الذين اعطونا اليوم ان يدخل البابا فرنسيس في جغرافية الطرق فيها ومعالمها وفي جغرافيا لبنان وروحه. عشتم. عاشت الحدت وعاش لبنان”.
وكان الاحتفال بدأ النشيد الوطني ونشيد الفاتيكان، والقى بعدها مقدم الحفل الإعلامي جاد دعيبس، كلمة أشار فيها الى “الحدث الاول هو ان هذا اليوم اي 13 آذار، يصادف ذكرى انتخاب البابا فرنسيس في هذا التاريخ من العام 2013، والحدث الثاني هو مبادرة بلدية الحدت لازاحة الستارة عن اول تمثال لقداسته في لبنان والشرق مرفقا بكلمة الحبر الاعظم التاريخية التي قال فيها: “وصيتي الى المسيحيين في الشرق الثبات في ارضهم والحفاظ على العيش المشترك”.
والقى رئيس البلدية كلمة استهلها بالقول: “ما تبيع بيتك… ما تبيع ارضك، شعار كبير رفعته بلدية الحدت منذ ايار 2010 ولكن الشعار لم يبق مجرد شعار، بل ترجمناه الى حقائق وأفعال ملموسة. والاهم اننا اعدنا الثقة والامل الى اهلنا ومجتمعنا، وقدمنا نموذجا يحتذى في الحفاظ على الارض والهوية. وعندما تحافظ بلديتنا على الارض والهوية، فإنها تنفذ في حقيقة الامر وصيتين اولها وثيقة ميثاقية وطنية وفحواها ان لا شرعية لاي واقع يخالف او يناقض العيش المشترك وهو ما ورد في مقدمة الدستور اللبناني، والوصية الثانية هي وصية قداسة الحبر الاعظم البابا فرنسيس الى المسيحيين في الشرق ومضمونها الثبات في الارض والحفاظ على العيش المشترك”.
وأضاف: “هذا كله نصنعه ليس بالمواجهة ولا بالتنابذ بل بالتفاهم والقبول وفهم واحدنا للآخر. وفي هذا واجبي ان اشهد لثلاثة من كبارنا، كان لهم الايادي البيضاء في هذه المسألة بالذات، عنيت بهم فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ودولة رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري وسماحة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذين باركوا ورافقوا خطواتنا وقد شكلوا لنا المظلة المعنوية والاخلاقية كما كانوا لنا ولبلديتنا ولقضيتنا المرجع والعضد والسند. واليهم اضيف واذكر بالخير راعي ابرشية بيروت المارونية المطران بولس مطر السامي الاحترام الذي يرعى ويبارك حفلنا اليوم والذي كان له اسهام حاسم في مسألة ارض الوروار، وقد لحقتها ارض تلة مار مطانوس، كما لا يغيب عني ابدا واجب التقدير والامتنان اوجهه الى اهلنا من الطوائف الاسلامية مواطنين ومستثمرين الذين اظهروا ويظهرون اعلى مستويات الفهم الاصيل لعيشنا المشترك والواحد”.
ثم عرض فيلم وثائقي عن حياة ومسيرة البابا فرنسيس في الكنيسة والمجتمع.
بعدها ألقى المونسينيور سانتوس قال فيها: “علينا اليوم ان نسير معا مسيرة اخوة ومحبة وثقة متبادلة. كما علينا ان نصلي من اجل بعضنا البعض ومن اجل العالم اجمع لكي نصل الى المحبة الكاملة، وبهذه العبارات خاطبنا البابا فرنسيس منذ خمسة اعوام يوم انتخابه عندما اطل من النافذة على الجموع المؤمنة المحتشدة في باحة القديس بطرس في روما. ونجتمع اليوم في مناسبة ازاحة الستار عن نصب لقداسته لنؤكد وندعم كلماته وخصوصا لناحية المحبة والعيش المشترك. كما واود مشاركتكم جميعا رغبة البابا فرنسيس وهي: اولا السلام لا سيما وان الاخوة والانسجام يواجهان تحديات خطيرة لا يمكن تأجيلها الى ما بعد، وفي هذا الاطار فإن لبنان كما قال البابا فرنسيس ليس لديه فقط شيئا ليقوله، بل عليه مهمة سلام يؤديها للعالم. ومن بين الابناء في هذه الارض المباركة اي في لبنان عموما وفي بلدة الحدت خصوصا، ندعو الجميع للخدمة الاخوية في سبيل ان يعود هذا البلد ويشكل منارة لشعوب المنطقة ويكون السلام المهدى من الرب”.
وتابع:” والرغبة الثانية لدى قداسة البابا هي المحافظة على شباب الغد ومرافقتهم في مسيرتهم الصعبة بصبر وثقة. وادعو في هذا اللقاء الى دعم شبان وشابات هذه البلدة الحدت وكذلك شباب الوطن كله، من خلال تكريس اوقاتنا والاستماع لهم ولمشاكلهم، لانهم وعد المستقبل والاستثمار الجدي لبناء الوطن”.
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار