محليات
ورغم الجمود الذي طال قطاع العقارات في السنوات الماضية بعد الأزمة السورية، فإن دعم مصرف لبنان أعاد الحركة إليها، إثر تخصيصه 60% من رزم الدعم السنوية التي خصصها لرفد الاقتصاد اللبناني، لصالح قطاع السكن، وهو ما تخطى الـ4 مليارات دولار خلال السنوات السبع. ومع توقف الدعم الآن، تلوح أزمة جديدة في الأفق، ستراكم خسائر المطورين في القطاع العقاري الذي يسجل استثمارات في هذا الوقت تتراوح بين 15 و20 مليار دولار.
ولا تنفي الباحثة في الاقتصاد اللبناني (مرشحة للانتخابات النيابية) فيوليت غزال بلعة أن وقف القروض السكنية سيؤثر على حركة العقارات في لبنان والاستثمار فيها، بالنظر إلى أن الطلب “سينكفئ”، مشيرة في حديث لـ”الشرق الأوسط” إلى أن المصرف اتخذ خطوات جريئة خلال السنوات السبع الماضية بثت حركة في السوق العقارية رغم الجمود، بفضل القروض السكنية المدعومة منه، موضحة أن المصرف المركزي “كان يضخ سنوياً خلال السنوات السبع الماضية رزمة دعم للاقتصاد اللبناني تبلغ مليار دولار، 60% منها لقروض الإسكان بهدف مساعدة القطاع العقاري، الذي سيثبت استقراراً اجتماعياً على ضوء أن السكن يعتبر عاملاً أساسياً في تثبيت الاستقرار الاجتماعي”.
واتخذ مصرف لبنان خلال الشهرين الماضيين بإيقاف تسليف القروض المدعومة عبر الهيئة العامة للإسكان ومصرف الإسكان، وهما أبرز مؤسستين تدعمان القروض السكنية، مما أنتج أزمة استدعت التحرك السياسي على أعلى المستويات.
وإذ طمأن الرئيس اللبناني ميشال عون في جلسة الحكومة الأخيرة إلى “معالجة مسألة القروض السكنية”، أشار إلى أنه طلب من حاكم مصرف لبنان “لقاء المسؤولين المعنيين في المصارف والمؤسسات المقرضة لوضع حل متكامل يضمن استمرارية هذه القروض وفقا للقواعد والأصول المحددة”. غير أن الاتفاقات بين السلطة السياسية ومصرف لبنان، توصلت إلى حل يقضي بصرف القروض التي حازت ملفاتها على موافقة من المؤسسات المعنية بدعم قروض الإسكان، من غير أن تؤخذ طلبات جديدة.
وإذ أكدت فيوليت غزال أن الطلبات الجديدة تأثرت بتجميد القروض، قالت إن هذا الأمر “قد تنتج عنه أزمة جمود مرة أخرى، لأن الحل الذي اعتمد في السابق كان موقتاً، ومصرف لبنان ليس مسؤولاً عن السياسة السكانية التي تعتبر من مسؤولية الحكومة”. وقالت: “سنشهد انكماشاً في الواقع العقاري”، لافتة إلى أن التراجع “وصل إلى 30%”، وأن الأسعار انخفضت نحو 20% خلال 4 سنوات.
وتمنح مؤسسة الإسكان القروض عبر المصارف، وهي الخيار الأمثل بالنسبة للبنانيين الذين يستفيدون من تقديمات تنفرد بها، كأن تدفع عنه قيمة الفوائد خلال الـ15 عاما الأولى، ليعود في الـ15 عاما التالية بدفعها، وإعفاءه من تسجيل المنزل وبدل الرهن وفكّه، وبدل قيمة الطوابع المالية.
ويقول المواكبون لعمليات البيع والشراء إن المصارف التي وافقت على صرف القروض لأصحاب الطلبات المنجزة “استدعت المشترين لتغيير عقود البيع الأولى”. ويؤكد العاملون في قطاع العقارات أن القيود التي فرضت اخيرا على القروض المدعومة للإسكان والمعمول بها منذ 1999 بموجب بروتوكول التعاون بين المؤسسة ومصرف لبنان وجمعية مصارف لبنان، ستضاعف الأزمة العقارية التي تعاني جموداً منذ ثلاث سنوات على الأقل.
وعن الأسباب التي حالت دون تراجع الأسعار بشكل قياسي إثر تراجع الطلب، قالت غزال إن “المطور العقاري وشركات البناء ما زالوا يأملون بأن يحصل انفراج. هذه الآمال عقدت العام الماضي إثر انتخاب الرئيس عون والاتفاقات التي ساهمت بتشكيل حكومة، لكن هذا الانفراج لم يحصل فعلياً”، لافتة إلى أن المستثمرين “يعتبرون أنهم ليسوا على استعداد لتجرع خسارات كبيرة، وهم قادرون على تحمل الجمود إلى أجل مسمى”. وأشارت إلى أن “الكتلة المالية المجمدة بالسوق العقارية تتخطى الـ15 مليار دولار، علماً أن حجم القطاع العقاري اللبناني يصل إلى 20 مليار دولار”، مؤكدةً أن حجم القطاع “يمثل ثقلاً على الاقتصاد في حال جموده في ظل ارتفاع التكلفة على القروض التي تضاعفت 2% إثر الأزمة السياسية في تشرين الثاني الماضي”.
وقالت: “الاستقرار السياسي والأمني مطلوب لإراحة الاقتصاد. أي هزة سياسية تؤثر على الاقتصاد، وترفع منسوب المخاطر، ولا حل إلا بتثبيت المناخ السياسي واستقراره، فحين يتلمس المتعاملون انفراجاً فعلياً بالسياسة، سينعكس ذلك على التداول الاقتصادي”.
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار