مباشر

عاجل

راديو اينوما

ositcom-web-development-in-lebanon

الأخبار : الإنجاز السوري... "ربحٌ صافٍ للبنان‎"‎

12-02-2018

صحف

 لم تقتصر مفاعيل الإنجاز السوري الذي تحقق بإسقاط الطائرة الإسرائيلية على ‏سوريا وحدها. في لبنان، أخذ الاحتفاء بالإنجاز بعداً استراتيجياً: هي مرحلة جديدة ‏من الردع، تزيد من مناعة البلد في مواجهة التهديدات الإسرائيلية المستمرة، ‏وتبعد الحرب أكثر وأكثر، في ظل يقين إسرائيلي بأن محور المقاومة صار أكثر ‏صلابة وقدرة على المواجهة وتحقيق الإنجازات

ليس أبلغ دلالة على المعادلات الجديدة التي تتثبت في المنطقة سوى الاحتفالات التي عمّت الحدود ‏الجنوبية للبنان مقابل الشلل التام الذي سيطر على المستعمرات الإسرائيلية واقترن بإطلاق صفارات ‏الإنذار وفتح الملاجئ في مستوطنات الجليل الفلسطيني الأعلى. ولعل بقايا صواريخ أرض جو السورية ‏التي سقطت في جنوب البقاع اللبناني ومنطقة حاصبيا، خير دليل أيضاً على ترابط الساحات، وخصوصاً ‏أن إسرائيل نفذت معظم اعتداءاتها الجوية على الأراضي السورية في السنتين الأخيرتين من الأجواء ‏اللبنانية‎.‎ 


المشهد في الجنوب اللبناني عمره من عمر الانتصار عام 2006، لكنه يشهد اليوم فصله الأحدث مع ‏توسيع معادلة الردع لتشمل سوريا قولاً وفعلاً. فإسقاط الدفاعات الجوية السورية للطائرة الإسرائيلية يوم ‏السبت الماضي، بدا تكريساً لمعادلة "الجبهة الواحدة" التي تسعى إسرائيل إلى منعها منذ عام 2011 ‏من دون تحقيق أي نجاح‎. 
أما حزب الله، فلم يترك في بيانه مجالاً للشك في دلالات الإنجاز السوري. قال بشكل قاطع إن ذلك يعني ‏‏"سقوط المعادلات القديمة"، معلناً "بداية مرحلة استراتيجية جديدة تضع حداً لاستباحة الأجواء والأراضي ‏السورية‎".‎ 


المعادلة القائمة، وخصوصاً بعد حرب تموز 2006 كان عنوانها تفوّق إسرائيل في الجو، مقابل قدرة المقاومة ‏على مواجهتها في البر، على ما أثبتت تجربة حرب تموز (ناهيك عن تدمير بارجة عسكرية في عرض ‏البحر قبالة بيروت). منذ ما بعد تلك الحرب، كان الهاجس الإسرائيلي منصبّاً على منع المقاومة من تطوير ‏دفاعاتها الجوية. ذلك كان لغزاً كبيراً، وبقي كذلك، وصولاً إلى مقابلة السيد حسن نصرالله الأخيرة مع قناة ‏‏"الميادين"، إذ زاد هذا الغموض بتأكيده أنه لن يتكلم بموضوع سلاح الجو‎. 
يوم السبت المنصرم، كانت الإجابة صريحة. المقاومة جاهزة لمواجهة التفوق الجوي لإسرائيل. هنا ليس ‏المهم مَن مِن أطراف محور المقاومة هو الذي حقق هذا الإنجاز. على الأقل، هكذا تتعامل هذه الأطراف مع ‏خسائرها وإنجازاتها: الإنجاز للجميع والخسارة للجميع، وهكذا تتعامل إسرائيل مع أي تطور على الحدود ‏الشمالية لفلسطين‎. 


منذ دخول سوريا في أزمتها الطويلة، كانت إسرائيل تتعمد تركيز اعتداءاتها على أراضيها، بصرف النظر إن ‏كان الهدف المقاومة أو أهدافاً عسكرية سورية. كانت تدرك أنه ضمن معادلة الردع، فإن أي اعتداء على ‏لبنان يكون الرد عليه حكماً... ومن لبنان، فيما الرد على الاعتداءات على سوريا، كان يأخذ شكل التحذير ‏الذي غالباً ما ينتهي من دون رد، لأسباب عديدة تتعلق بأولويات الحرب الداخلية أو ربما بتعهدات روسية ‏لإسرائيل تضمن لها تجنب الرد السوري، كما كان يردد بعض الإعلام الغربي والإسرائيلي‎. 


وبالرغم من كثرة التحليلات حول ما إذا كان الرد السوري قد حظي بغطاء روسي، إلا أن ذلك لا يلغي أن ‏إسقاط الطائرة الإسرائيلية أدى إلى إسقاط قواعد الاشتباك القديمة، على ما أعلن قائد القوات الحليفة ‏في سوريا. وعلى قاعدة "وحدة المحور"، صار الرد على أي اعتداء حتمياً، وبصرف النظر عن مكانه، أو عن ‏احتمالات نجاحه. هذه القاعدة، أعاد نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم تأكيدها أمس. إذ اعتبر أنه ‏‏"بإسقاط الطائرة الإسرائيلية تكون قاعدة الاشتباك التي تبنى على الاعتداء من دون رد قد سقطت، ‏وبالتالي لا إمكانية لإسرائيل بأن تستخدم بعد اليوم هذه القاعدة في الاشتباك وتتجول كما تريد لتحقق ‏أهدافها‎". 


ذلك يعني أن الإسرائيلي سيفكر، الآن ومستقبلا، ألف مرة قبل القيام بعمل ما. وهو للمناسبة، عندما ‏أغار على مواقع سورية رداً على إسقاط طائرته، كان بارزاً عدم تحليقه فوق سوريا ولا فوق لبنان، كما ‏فعل قبل إسقاط الطائرة، بل اكتفى بإطلاق صواريخه من فوق فلسطين المحتلة‎. 


وفي سياق تثبيت معادلة المواجهة من قبل لبنان الرسمي، فقد أتى بيان وزارة الخارجية الذي دان ‏‏"الغارات التي تعرضت لها الجمهورية العربية السورية"، وأكد على "حق الدفاع المشروع على أي اعتداء ‏إسرائيلي"، ليستكمل الموقف اللبناني الموحد الذي تجسد في لقاء الرؤساء الثلاثة كما في انعقاد ‏المجلس الأعلى للدفاع، الذي رسم سقفاً عالياً للموقف اللبناني المتضامن والمؤكد على إعطاء الجيش ‏أوامر واضحة في الرد على أي اعتداء إسرائيلي لبحر لبنان وبره. أضف إلى أن الإنجاز السوري أعطى ‏للبنان أرباحاً صافية من دون إسقاط معادلة النأي بالنفس التي أعادت الرئيس سعد الحريري شكلاً إلى ‏السرايا الحكومية. فلا إسقاط الطائرة جاء من لبنان، ولا الطائرة سقطت في لبنان ولا طياراها. والربح يعود ‏أيضاً إلى فرض قواعد ردعية سيستفيد منها لبنان حكماً، في المرحلة المقبلة، إن كان في أي تسوية ‏لاحقة لملف المنطقة الاقتصادية الخالصة، أو حتى في إطار الشكاوى اللبنانية للأمم المتحدة. إذ يتوقع أن ‏يتبع الخطوة الأولى المتعلقة بطلب لبنان إدانة إسرائيل وتحذيرها من مغبة استخدامها الأجواء اللبنانية ‏لشن هجمات على سوريا، خطوة أخرى تتعلق بتحذير إسرائيل من خرق الأجواء اللبنانية بالمطلق. ثم ‏من يدري، ففي إسرائيل تحذير من احتمال أن ينصب حزب الله فخاً للطائرات في لبنان، في إطار حماية ‏الأجواء اللبنانية‎!‎

ositcom-web-development-in-lebanon

This website is powered by NewsYa, a News and Media
Publishing Solution By OSITCOM

Copyrights © 2023 All Rights Reserved.